مفهوم الدولة ومقوماتها بين الفكر السياسي الإسلامي المعاصر والنظام السياسي الغربي

Abstract

تأتي هذه الدراسة في إطار الدراسات الفكرية التحليلية النقدية المقارنة في موضوع الدولة بين النظام السياسي الذي استقر في الغرب بعد تطورات عديدة في الفكر والواقع السياسي الغربي، وبين ما أنتجه الفكر السياسي الإسلامي المعاصر من نماذج نظرية في موضوع الدولة بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924م، ولمعالجة ذلك فقد حوت الدراسة فصلا تمهيديا عرض المصطلحات الأساسية لموضوع البحث وثلاثة فصول رئيسية. تضمن الفصل الأول مفهوم الدولة ومقوماتها في الفكر السياسي الغربي، حيث انتهى إلى أن الدولة الحديثة في نشأتها وتشكلها هي نتيجة الواقع والفكر الغربي بالأساس، ونتيجة صيرورة تاريخية امتدت من نهاية العصور الوسطى مرورًا بعصر النهضة إلى مشارف العصر الحديث، تمخض عن ذلك كله نظام سياسي جديد يختلف اختلافًا جذريًا عن الأنظمة السياسية التي سبقته. وتقوم الدولة الحديثة على مجموعة من الأسس والمقومات أبرزها ثلاثة هي: الديمقراطية والعلمانية والمواطنة. بعد حلول الدول القطرية محل الخلافة العثمانية في المجال الإسلامي حاول رواد الفكر الإسلامي المعاصر إحياء دولة الإسلام على المستوى القطري، وظهرت نتيجة لذلك نظريات وأطروحات تؤسس للحُكم الإسلامي في ظل هذا التنظيم السياسي الحديث، وهو ما تم عرضه في الفصل الثاني؛ ومن أبرز هذه الأطروحات أطروحة الدولة الإسلامية المعاصرة، والحقيقة الجوهرية لهذه الأطروحة أنها أطروحة توفيقية؛ تستعير صورة الدولة الحديثة وتحتفظ بظلّ الخلافة، و تمثلت مقومات الدولة الإسلامية المعاصرة في خمسة مقومات رئيسة: حاكمية الشريعة وسلطان الأمة والحرية والشورى والعدل، بينما تنطلق أطروحة الدولة المدنية من نقد أطروحة الدولة الإسلامية والفقه السياسي المنظر لها، وهي تتبنى الدولة الحديثة بمفهومها ومقوماتها للإصلاح السياسي المنشود عدا قضية فصل الدين عن السياسة. تطرح مقومات الدولة الحديثة (الديمقراطية، العلمانية، المواطنة) إشكاليات عديدة على الفكر الإسلامي المعاصر، فالديمقراطية تطرح إشكالية السيادة العليا في الدولة وقضية الشرعية السياسية، بينما تطرح العلمانية إشكالية العلاقة بين الدين والدولة، وتطرح المواطنة إشكالية المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين جميع الأفراد الذين يقطنون الدولة بدون استثناء، وهو ما تضمنه الفصل الثالث.