طرق الكشف عن القصد الجنائي : دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الجزائي الجزائري

Abstract

يتطلب قيام البنيان القانوني للجريمة،اضافة إلى الجانب المادي، جانبا شخصيا،حيث يكون سلوك الجاني، وليد ارادة واعية حرة، قادرة على التمييز والادراك، تسلك بصاحبها مسلكا خاطئا يبرر توجيه اللوم والجزاء الشرعي و القانوني إليه، حيث كانت أمامه فرصة معقولة لتفادي مخالفة قاعدة السلوك، ولكنه خالفها، إما متعمداعداء صريحااتجاه قيممجتمعه محل الحماية الجنائية، وإما غير متعمد، على نحو يتكشف معه استخفافه بالقيمالاجتماعية محل الحماية، وذلك حين لم يتخذ، مسلكا أكثر حيطة وحذر،معأنه كان بإمكانه اتخاذ ذلك.و يعد القصد الجنائي أحد عناصر الجريمة، و هو يعبر عن الركن المعنوي للجريمة العمدية. و يتكون القصد الجنائي من عنصرين رئيسيين: العلم و الارادة،بمعنىأن يكون الشخص، وهو مقدم على ارتكاب جريمته، عالما بالجريمة التي يقدم عليها، مريدا لنتيجتها، و تتوافر لديه الارادة الحرة و الخالية من عيوبها. و لإدانته بارتكاب جريمة عمدية، وجب على القاضي الجنائي، كشف واستظهار وجود القصد الجنائي لدى هذا المجرم. ولأن القصد الجنائي أمر باطني نفسي، يضمره الجاني وتصعب الاحاطة به،كان لزاما على القاضي الجزائي، أن يسعى جاهدا،و بكل ما يتوافر لديه من أدلة، وقرائن قضائية،لكشفوجود القصد الجنائي لدى الجاني و إثباته، لإدانته بارتكاب جريمة عمدية، وبما أن قصد العدوان أو القصد الجنائي، ذو تركيبة نفسية داخلية، تتجه فيه ارادة الشخص إلى القيام بفعل اجرامي، و هذا الفعل المادي للمجرم لا يكفي بنفسه، للدلالة على وجود القصد الجنائي، مما يحتم على القاضي استكشافه واستظهاره، فإنالاشكال الذي يطرح نفسه، في هذا الصدد هو: ما هي طرق الكشف عن القصد الجنائي لدى المتهم أو المجرم، والتي تمكن قاضي المحكمة، من الوقوف على حقيقة نيته الاجرامية؟ وما هي حدود سلطته التقديرية في ذلك؟ والذي حاول الباحث الإجابة عنه، من خلال موضوع هذه الأطروحة، في إطار منهجين علميين هما: المنهج التحليلي التركيبي، و المنهج المقارن، مقسما إياه إلى خمسة فصول، وخاتمة ضمت النتائج المتوصل إليها، أهمها، أن الكشف عن القصد الجنائي واستظهاره، يتم بطريقين: الأول، طريق مباشر، من خلال الاعتراف أو الشهادة، والثاني، طريق غير مباشر، القائم على القرائن القضائية.